بارك الله فيك عن هذا
الموضوع الطيب لعله تذكرة وموعضة جعلها الله في موازين حسناتكم ولعل بر
الوالدين من اعظم الاعمل التى نتقرب بها الى الله بعد عبادته وكيف لا وهي
طاعتهم بعد طاعة الله سبحانه وتعلى ورضا الوالدين باب من ابواب الدخول الى الجنة واليكم بعض الأية التى ذكر الله عز وجل
فضل الوالدين والاحاديث الصحيحة الواردة في هذا الباب ونسأل الله ان يغفر
لنا ولوالدينا يوم يقوم الحساب انه ولى ذلك والقادر عليه.
عقوق
الوالدين أيها الإخوة من أكبر الكبائر
بعد الإشراك بالله، وكيف لا يكون كذلك
وقد قرن الله برهما بالتوحيد فقال تعالى:
وقضى
ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين
إحساناً
[الإسراء: 23].وقال تعالى:
قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا
به شيئاً وبالوالدين إحساناً
[الأنعام:
151].بل هي من المواثيق التي أخذت على أهل الكتاب
من قبلنا،
وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلاالله وبالوالدين إحساناً وذي القربى
واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسناً
[البقرة:
83].قال تعالى:
واعبدواالله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدينإحساناً
.قال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد البر بهما مع اللطف ولين الجانب، فلا يغلظ لهما في الجواب، لا يحد النظر إليهما، ولا يرفع
صوته عليهما، بل يكون بين يديهما مثل العبد بين يدي السيد تذللاً لهما.
وقضى ربك إلا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً. .
الآية. قال الهيثمي عند قوله تعالى:
وقل
لهما قولاً كريماً
أي اللين اللطيف المشتمل على العطف والاستمالة وموافقة مرادهما وميلهما
ومطلوبهما ما أمكن لا سيما عند الكبر،
واخفض لهما جناح الذل من الرحمة
ثم أمر تعالى بعد القول الكريم بأن يخفض لهما جناح الذل من القول، بأن لا يُكلما
إلا مع الاستكانة والذل والخضوع، وإظهار ذلك لهما، واحتمال ما يصدر منهما، ويريهما أنه في غاية التقصير في حقهما وبرهما. ولا يزال على نحو ذلك حتى ينثلج خاطرهما، ويبرد قلبهما عليه، فينعطفا عليه بالرضا
والدعاء، ومن ثم طلب منه بعد ذلك أن يدعو لهما،
وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً
.
وكان أبو هريرة إذا أراد أن يخرج من دار أمه وقف على بابها فقال: السلام عليك يا أمتاه
ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك يا بني ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: ورحمك الله كما سررتني كبيراً، ثم إذا أراد أن يدخل صنع مثل ذلك. أيها الإخوة المسلون: وحق
الوالدين باقٍ، ومصاحبتهما بالمعروف واجبة، حتى وإن كانا كافرين. فلا يختص برهما بكونهما مسلمين، بل تبرهما
وإن كانا كافرين، فعن أسماء رضي الله عنها قالت: قَدِمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم، فاستفتيت النبي
فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت عليّ وهي راغبة أفأصلها؟ قال: ((نعم، صلي أمك)).
ولم يقف حق الوالدين عند هذا الحد، بل تبرهما وتحسن إليهما حتى ولو أمراك بالكفر بالله، وألزماك بالشرك بالله، قال تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير
وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعلمون
. فإذا أمر الله تعالى بمصاحبة هذين الوالدين
بالمعروف مع هذا القبح العظيم الذي يأمران ولدهما به، وهو الإشراك بالله، فما الظن بالوالدين المسلمين سيما إن
كانا صالحين، تالله إن حقهما لمن أشد الحقوق وآكدها، وإن القيام به على وجهه أصعب الأمور وأعظمها، فالموفق من هدي إليه، والمحروم كل المحروم من صُرف عنه. وهاهو رسول الله
يجعل حق
الوالدين مقدماً على الجهاد في سبيل الله. ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود
قال: سألت رسول الله
: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: ((الصلاة
على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله)). وعن
عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله قال لرجل استأذنه في الجهاد: ((أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد)) [رواه البخاري]. وعنه أيضاً أن النبي
قال: ((رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد)) [رواه الترمذي وصححه ابن حبان]. وعن
معاوية بن جاهمة
قال: جاء رجل إلى رسول الله
فقال لرسول الله: أردت أن أغزو وقد جئت
أستشيرك، فقال: ((هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت
رجليها)) [رواه النسائي وابن ماجه بإسناد لا بأس به]. وها هو رسول الله
يدعو على من أدرك أبويه أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة، فيقول كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة: ((رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه، قيل:
من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عنده الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة)).
وبر الوالدين من أعظم القربات وأجل الطاعات، وببرهما تتنزل الرحمات وتكشف الكربات.
وما
قصة الثلاثة الذين أطبق عليهم الغار فلم
يستطيعوا الخروج منه، فقال بعضهم لبعض:
انظروا أعمالاً عملتموها لله صالحة،
فادعوا الله بها لعله يفرجها فقال أحدهم: ((اللهم
إنه كان لي والدان شيخان كبيران، ولي
صبية صغار، كنت أرعى عليهم، فإذا رجعت
إليهم، فحلبت، بدأت بوالدي اسقيهما قبل
ولدي، وإنه قد نأى بي الشجر (أي بعد علي
المرعى) فما أتيت حتى أمسيت، فوجدتهما قد
ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب،
فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما، وأكره
أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية
يتضاغَون عند قدمي (أي يبكون)، فلم يزل
ذلك دَأْبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن
كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج
لنا ففرّج الله لهم حتى يرون السماء)).
وهل
أتاك نبأ أويس بن عامر القرني؟ ذاك رجل
أنبأ النبي
بظهوره، وكشف
عن سناء منزلته عند الله ورسوله، وأمر
البررة الأخيار من آله وصحابته بالتماس
دعوته وابتغاء القربى إلى الله بها، وما
كانت آيته إلا بره بأمه، وذلك الحديث
الذي أخرجه مسلم: كان عمر
إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم،
أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس بن
عامر فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم،
قال: من مراد؟ قال: نعم، قال: كان بك برص
فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم، قال:
لك والدة؟ قال: نعم، قال: سمعت رسول الله
يقول: ((يأتي عليكم أويس بن
عامر مع أمداد اليمن من مراد ثم من قرن،
كان به أثر برص فبرأ منه إلا موضع درهم،
له والدةٌ هو بارٌ بها، لو أقسم على الله
لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل)).