المجالس العلمية للدعوة السلفية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 درع الأمان في صد الأسباب الدافعة لضعف الإيمان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عمربن محمدالبومرداسي

عمربن محمدالبومرداسي


ذكر عدد الرسائل : 39
تاريخ التسجيل : 02/07/2010

درع الأمان في صد الأسباب الدافعة لضعف الإيمان  	 Empty
مُساهمةموضوع: درع الأمان في صد الأسباب الدافعة لضعف الإيمان    درع الأمان في صد الأسباب الدافعة لضعف الإيمان  	 Icon_minitimeالسبت أغسطس 13, 2011 1:35 pm

درع الأمان في صد الأسباب الدافعة لضعف الإيمان






درع الأمــــــــــان

في

صدّ الأسباب الدافعة إلى ضعف الإيمان


للشيخ

أبي عبد الباري العيد شريفي


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.


◈ يقول السائل: شيخنا بارك الله فيكم: أنا شاب كنت في بداية التزامي آخذا بهذا الدين بقوة, فكنت أصوم التطوع وأقوم الليل وأذكر الله على كل حال, وأحضر الصلوات, ولا أفرط في وردي من القرآن, ولا أذكار النوم وأذكار الصباح والمساء حيث أن حصن المسلم لا يفارقني ولكن لما طالت المدة في الالتزام تغيّرت الأحوال, فأصبحت متهاونا في كل شيء, فما بقي من الالتزام إلا المظهر, فبعض العبادات التي كادت أن تصبح عادات والله المستعان.
◈ فهل هذا كقوله تعالى في اليهود: {فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم{ أم لشيء آخر, نطلب منكم الدواء الشافي بارك الله فيكم ونفعنا بما تقولون.


▣ الجواب: لمعالجة هذه الحالة يصعب مجرد الكلام هكذا بالعموم, بإمكان الإنسان أن يتكلم الآن يحي القلب من ناحية العموم, لكن ما إخالني أن يكون ذلك نافعا, فمثل هذه الحالة لابد من حوار مباشر مع صاحب القضية, بحيث نصل إلى معرفة السبب الذي دفع به إلى هذا التقهقر


يعني الدافع إلى ذلك ولابد أن تكون أسباب موجودة هي التي دفعت به فهي إما:


◀ أسباب داخلية.
◀ أسباب خارجية.


فلابد من البحث للوصول إلى نتيجة في حياة هذا الشخص لعلنا نصل إلى تحديد الأسباب.


◀ ودوما تكون الأسباب الداخلية راجعة إلى ثلاث أمور:


◉ الأمر الأول: وهو الخوف الذي يعتري الإنسان من خارجه, يخاف من أشياء, فيبدأ بدفع ما يخاف منه بالتقليل والبعد عن العبادة بحيث يراه الرائي أنه كغيره من الناس ممن لا يعبأ بهم ولا يلتفت إليهم, كما فعله كثير من الشباب عند المحن وعند اشتداد البلاء, هذا يأتي من جبن الإنسان, وهذه تكون سجية في الإنسان فلابد أن يعالج هذاالجانب بالعقيدة, لابد أن يعالج جانب الجبن بالعقيدة, لأن الجبن إنما يتمكن من الإنسان إذا كان ضعيف العقيدة في جانب سريان قضاء الله وقدره في الكون؛ ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم مع الغلام الصغير عالج هذا الجبن، أي جانب الجبن في القيام على طاعة الله وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم له: « واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك» فالتغلب على جانب الخوف لا يكون إلا بمعرفة الله تعالى وتسليم بقضائه وقدره, فبمعالجة هذا الجانب يعود الإنسان بإذن الله إلى مكانته في الالتزام والاستقامة على طاعة الله تعالى لأنه يزول ذاك الداء الدفين وهو الجبن.


والجبن له دوافع عدة , يعني شخصية الإنسان أحيانا مكونة من هذا (خواف) وإلا يكون من شيء ثان, أي أن الجبن مكون يكون في ذات الإنسان أي منه ينشأ, وإما خارجي كما قال صلى الله عليه وسلم في حق المتزوج وله أبناء: «إن الولد مبخلة مجبنة . » هذا بالنسبة إلى الأمر الأول.


◉ الأمر الثاني: ضعف الإيمان, من أعظم الأسباب الدافعة لترك الاستقامةوالالتزام على الدين: ضعف الإيمان, ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الإيمان ليبلو كما يبلو الثوب فجددوا إيمانكم»


إذن فلابد من المحافظة على الإيمان, لأنه هو الدافع الوحيد إلى الاستقامةعلى الدين والثبات على طاعة الله والتضحية في جميع الأمور, ولهذا لما كانالصحابة رضي الله عنهم من الناحية الإيمانية على ما كانوا عليه استطاعوا أن يجابهوا الأمم كلها وما ردّهم ذلك إلى القهقرى والى الخوف والى غير ذلك, وإنما ما زادهم إلا صلابة, وأمثال الصحابة: بلال رضي الله عنه الذي تحمّل كل أسباب الضغط عليه والأذيّة لترك الاستقامة والالتزام, ولم يكفر الكفر الظاهر الذي رخّص فيه الشارع؛ ومع ذلك لما خالطت حلاوة الإيمان بشاشة القلب- وهذا استنتاج هرقل ملك الروم يشير علينا نحن هل الإسلام - مكانة قوتنا بشاشتنا على ديننا وقوة إيماننا, لما سأل هرقل أبو سفيان:« فهل يرتد أحد سخطة لدينه, قال: لا»


إذن نستنتج من هذا أن حلاوة الإيمان إذا خالطت بشاشة القلب فمن المستحيلأن يتخلى الإنسان عن التزامه ولو كانت الظروف ما كانت: الفقر, الجوع, العري... وغيرها, كل هذه الأمور استطاع الصحابة رضي الله عنهم أن يتحمّلوها وأن يثبتوا على طاعة الله تعالى وذلك راجع لقوة إيمانهم.


إذن هذا العامل الثاني راجع لضعف الإيمان, فلابد لهذا الأخ أن يراجع هذاالجانب, أي جانب الإيمان, ولهذا ندندن دوما وننادي ونناشد طلبة العلم أنيجمعوا في حياتهم العلمية بين العلم والإيمان والعمل, من الأمور الضروريةفي هذه الحياة لقيام المسلمين على دينهم, لمن أراد أن يعينهم على ذلك,لابد من جمع العلم والإيمان والعمل معاً, لأن هذا المزج الثلاثي يعطي قوةوصلابة المسلم على دينه, إذن لابد من الاهتمام بهذا الجانب.

◉ الأمر الثالث: عدم معرفة قيمة ما يعمل من أجله, فمن أعظم الأسبابالدافعة إلى ترك الالتزام جهل المسلمين بقيمة الآخرة, ولهذا قال المولى سبحانه وتعالى مخاطبا ملائكته: )فما يسألونني قال: يسألونك الجنة, قال: وهل رأوها ؟! يقولون: لا والله يا رب ما رأوها, يقول: فكيف لو أنهم رأوها, قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها طلبا لها ( .


فهذا بدون أن تظهر لهم الجنة على حقيقتها وصورتها الحقيقية, ومع ذلك سعواإليها بما ظهر لهم من معالم؛ ولهذا رغّب النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم في الآخرة, والسعي لها, ودوام الالتزام ودوام الطاعة والصبر على الأذى, فقال صلى الله عليه وسلم: «فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» وفائدة هذا الكلام هو أن يعطوا لها حقها, وأن يعظموها, ويقدروها, ويسعوا إليها؛ فبالنسبة للشباب غير المتزوج – ليبتعد عن الفتن- له قصر مجوف له فيه سبعون جارية الأخرى لا ترى الثانية....والله هذه حقائق شرعية؛ ما الفائدة من هذا الكلام؟! لا يعبث هكذا؛ والله لا لشيء إلا ليهتم الرجل والمرأة بطاعة الله و الرسول والقيام على دينه, في أداء الحقوق الزوجية, وفي الأعمال, والاستقامة على الدين, هذا كله ليبيّن لنا قيمة الأشياء.


ثم ذكر النار وما فيها من شرور, قال: «فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدّم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدّم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا الله ولو بشق تمرة» ثم ينظر إلى حال الكافرين في الجحيم, أن ضرس الكافر في النار كجبل أحد, ثم يذكر المولى سبحانه وتعالى غير ذلك مما ذكر.


◀ إذن من أعظم الأسباب المساعدة على الالتزام والاستقامة هو معرفة قيمة الشيء الذي يقدم عليه الإنسان, فكلما كان جاهلا بالشيء الذي يقدم عليه إلا وتنصّل عنه, والأمور الدنيوية دالة على هذا؛ ولمعرفة قيمة الأشياء يقول –ابن قيم الجوزية- رحمه الله تعالى- في كتابه " بدائع الفوائد ": " ولا يستقيم الزهد في الدنيا (معناه أن تعطيها قيمتها التي تستحقها) إلا بنظرين صحيحين:


◀ النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها واضمحلالها ونقصها وخستها وألم المزاحمة عليها والحرص عليها ..وما في ذلك من الغصص والنغص والأنكاد وآخر ذلك الزوال والانقطاع .فطالبها لا ينفك من همٍّ..وغمٍّ وحزن بعد فواتها" يعني لا ينفك طالب الدنيا من همّ وغمّ خاصة عندما يرى خسّتها وخسة ما فيها وزوالها وزوال ما فيها؛ وضربت قبل سنوات مثلا تقريبي: لو فيه شخص ذاهب إلى الحج وعنده بيت من الطراز العالي (فيلا) وجاء وقال لك يا فلان هذا بيتي أتركه لك شهرا كاملا تتمتع فيه مدة سفري إلى الحج, وفيه ما لا رأته عينك من أمور الدنيا: مَسْبَحْ, وأموال وأشياء كثيرة جدا.., وأنت تفرح فرحا شديداً تقول: ما شاء الله سأتمتع, لكن بمجرد ما ينقضي يوم إلا وينقلب الفرح إلى حزن, بقي 29 يوماً؛ لما كانت مدة المتعة محدودة, ولو أنك في متعة, لكن هذه المتعة تنفك؛ -ولهذا أهل الدنيا يزهدون في الآخرة ليتمتعوا, يريدون بذلك نسيان الآخرة-؛ إذن مع كون الخيرات بين يديه, لكن لما كانت المدة وجيزة, أصبحت تلك المتعة حسرة في حد ذاتها, فلابد أن ننظر إلى هذه الدنيا بهذه النظرة؛ قال –ابن القيم-:" وازهد فيما عند الناس كما زهد أهل الدنيا في الآخرة " أي لم يفكروا فيها (الآخرة) ولا يريدون التفكير فيها في أي لحظة من لحظاتها, ليتم لهم كمال المتعة, ولهذا قال أهل العلم: الأهواء في الديانات أعظم منها في الشهوات, لأن صاحب الهوى وصاحب الشهوة سرعان ما تنقضي عنه الغشاوة فيعود إلى رشده فتقع الحسرة إلى غير ذلك مما يقع, لأن في قلبه بذرة إيمان: سرق, شرب الخمر.. فسرعان ما تقع العودة, لأن الإيمان موجود, لكن الأهواء في الديانات دائمة لا تنفك عن صاحبها.


وكذلك أهل الدنيا زهدوا في الآخرة حتى يتمتعوا بما في الدنيا, لكن هيهات هيهات أن يحصل لهم مرادهم فيها, لأن المولى? أبى إلا أن تكون دار امتحان ودار ابتلاء, هيهات هيهات لن تحصل المتعة لإنسان في هذه الدنيا لمجرد المتعة المادية, من المستحيل, قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } لتدركوا الحقائق ومعرفة قيمة الأشياء..


◀ " النظرة الثانية إلى الآخرة وإقبالها ومجيئها ولابد, ودوامها وبقائها,وشرف ما فيها من الخيرات والمسّرات والتفاوت الذي بينه وبين ما ههنا ..." كما ضربنا المثال السابق, أعطاه بيتا كاملا, لكن بعد شهر عاد عليه بالنكدوالنغص؛ والشخص الثاني مسكين ينوي الزواج وليس عنده مسكن, يقول له خذ هذا البيت (غرفة ومطبخ) هدية من عندي لك, فيفرح به فرحا ليس مثله فرح؛ لأنه سيصبح له ملك دائم, ولو أنه شيء بسيط جدا, ولكن لما كانت الملكية دائمة كان الفرح بها فرحا عظيما, وكلما دخل فيه تذكّر النعمة التي هو فيها.
إذن لابد من هذا النظر الصحيح.


◀إذن من أعظم الأسباب المساعدة على الطاعة والاستقامة على الدين هو معرفةالآخرة, ولهذا الجهال الذين يعيشون مع العوام يقولون: " أحييني اليومواقتلني غدا " ويقول: " درهم نقد خير من ألف نسيئة " لكن هذا الكلام يقوله من لم يعرف قيمة الأشياء, وأما من عرف قيمة الأشياء يقول: " اقتلني اليوم وأحييني غدا " وهذا ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه, قال صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثل الدنيا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها» كأنه يهوّن منها بحيث لا يعطيها الإنسان ما لا تستحق, وقال صلى الله عليه وسلم: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافر شربة ماء» .
- هذه الأسباب الداخلية.


◀ الأسباب الخارجية:
- ما يضيّع المسلم استقامته والتزامه إلا:


1- المخالطة: لابد أن ينظر الإنسان من يخالط, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» وهذا راجع دوما إلى شخصية المخالط, فيضيع المخالط إذا كان ضعيف الشخصية, لأنه سيتأثر بمن يخالطه, ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «ومثل الجليس السوء كمثل نافخ الكير» فهو يلحق بك ضررا إذا كنت ضعيف الشخصية, لأن الإنسان متأثر بالطبع أحب أم كره, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من بدا جفا» ولهذا لما وصف رعاة الشاة والإبل بماذا وصفهم؟
رعاة الشاة وصفهم بالتواضع واللين والهدوء وغير ذلك, أما رعاة الإبل وصفهم بالكبر والشدة
والقوة, لأن الحياة مع الإبل فيها قوة, والغنم فيها دعة؛ إذن لما كان طبعالإنسان عرضة للتأثر بالغير, كان لابد أن يختار الصحبة والمخالطة.


-إذن لابد أن ينظر الإنسان في أحوال المخالطة, وأن المخالطة أقسام :


◀ القسم الأول: مخالطة واجبة, وهي مجالسة أهل العلم لمعرفة الدين, كما تكون المخالطة في حق طالب العلم واجبة عليه ليعلّم غيره كالعالم, مخالطة الناس يوجبها عليه الشرع, إن فرّمنها فهو آثم, إذا كان الناس في حاجة إلى ما عنده من علم فتصبح مخالطته للناس واجبة.


◀القسم الثاني: مخالطة مستحبة, وهي مخالطة الصالحين الذين يعينونك على طاعة الله سبحانه وتعالى , كما قال المولى سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم}واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدواة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم{ وهذا يكون بالجلوس في حلقات الذكر, وفي المذاكرة مع إخوانك من طلبة العلم, مذاكرة مع العوام وتعليمهم, فهذه مستحبة لأنها تزيدك في الخير وتعلّمك صحبة الناس الصالحين, قال له المولى صبحانه وتعالى {واصبر نفسك{فالأمر يحتاج إلى جهد ليس بالسهل.


• وكذلك أن تخالط من يعينك على جلب رزقك من الناس ( هذه مخالطة قد تكون مستحبة وقد تكون مباحة, لكن نذكرها في باب الاستحباب) عندما يصبح لك سبيل للترزق, لابد أن تخالط وأن تعيش وأنت تنفق وتعمل بنفسك على نفسك وتكسب بيدك, أفضل من أن تعيش عالة على الغير, فكسب الرزق وغيره من هذه الأمور تدخل في هذا الباب-باب الاستحباب- .


◀القسم الثالث: مخالطة محرّمة, وهي مخالطة أهل السوء والفساد, كأصحاب الشبهات وأصحاب التكفير وغيرهم ممن هم على تلك الشاكلة فهنا تصبح مخالطة محرّمة.


◀القسم الرابع: مخالطة مكروهة, وهي مخالطة الناس للإكثار من الدنيا والترف فيها, بحيث إنك في غنىً عن هذه المخالطة.


◀القسم الخامس: مخالطة مباحة, المباح المجرّد الذي لم يتعلّق به شيء يصعب وجوده في هذه المجتمعات اليوم, والمخالطة المباحة هي التي لا تعود على الشخص بالفساد.


-1 إذن هذا بالنسبة للأمر الأول هو المخالطة, فالإنسان إذا أساء اختيارالخلطة فستعود عليه بالسوء, ولهذا قال المولى تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: صلى الله عليه وسلم}ولا تعد عيناكعنهم تريد زينة الحياة الدنيا} يعني مجرد نظر عيناه للغير, قال له لا تلتفت إليهم, لأن هذا سيجلبك إلى مخالطتهم والبحث عما هم عليه؛ ولهذا لما حاول عمر في التفاتة بسيطة جدا, وخشي النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون تلك اللفتة سبباً للبحث عن الدنيا واللحوق بهم في شرهم قال: «ادع الله أن يوسّع على أمتك فقد وسّع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله» هذه التفاتة بسيطة فقط, ماذا كان من النبي صلى الله عليه وسلم غلق هذا الباب, قال: «أفي شك أنت يا ابن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا» قال:« استغفر لي يا رسول الله» لماذا غلق باب الالتفاتة ؟ لأن تلك الالتفاتة ستدفعه بعد ذلك إلى البحث عن العيش بحياتهم, إذن تصبح مخالطة ولو عن بعد, ولهذا لما جاء المال للنبي صلى الله عليه وسلم ووقف الصحابة في طريقه, أرادوا أن يقسم المال, وهو ما أراد أن يقسم, فنظر إليهم ورأى من حالهم وقال: «ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا فتنافسوها... » يعني مخالطة عن بُعد, فكان الشرع يحذّر حتى من هذا النوع من المخالطة.

2 - السبب الثاني: هو ترك الالتزام بالظاهر, لأن من أعظم الأسباب المهلكة للمسلم هو ترك الالتزام بالظاهر, ولهذا اعتنى النبي صلى الله عليه وسلم بإبراز شخصية مسلمة متميّزة عن غيرها من الأمم الأخرى, لأن هذه الشخصية المتميّزة ستحميه, فكان يعمل على أن تكون شخصية المسلم مميزة, فقال: «من تشبه بقوم فهو منهم» وقال: «إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون تسرولوا وائتزروا» وقال: ...«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد» إذن أراد أن يخالف بزيّه جميع الناس حتى تبقى شخصية المسلم مميّزة, فإذا بقيت هذه الشخصية المميزة حافظت بعد ذلك على الداخل, لأن الظاهر يؤثر لا مرية ولا شك على الباطن, قال صلى الله عليه وسلم: «لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم» وقال: «إن المؤمن إذا أذنب كانت تكتة سوداء في قلبه, فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه»


إذن لابد أن يحافظ المسلم على زيّه الظاهر, فالمحافظة على الزيّ الخارجييؤثر على الإنسان في داخله ويصونه كما يصونه إيمانه من الداخل, فهناك تكامل.


فعلى هذا الأخ والحالة هذه أن يعود إلى التزامه وأن يستعين بالله, ومن أعظم الأسباب المساعدة للخروج من هذه الورطة التي وصل إليها الأخ ومن هذا البعد هو دوام الافتقار إلى الله تعالى والتضرع له والاستكانة بين يديه, فإنه متى حصل من المسلم ذلك أخذ الله بيده على أي هيئة كان عليها, وردّه إليه رداً جميلاً, بل إذا عاد العبد إلى ربه يفرح المولى سبحانه وتعالى بعودته إليه, فمن أعظم الأسباب بعدما عرفنا الأشياء المساعدة, فالسبب الرئيسي في هذا الباب هو: دوام الذّل والافتقار والتضرع إلى المولى سبحانه وتعالى, فإن ذلك هو السبب الأساسي الذي به يصون المسلم نفسه, فإذا كان مفتقرا إلى الله مداوما طرق بابه في جميع أحيانه وأحواله, كما يقول أحد الشعراء:


الزم باب ربك ✿✿ واترك كل دون.


أي واترك كل ما سواه.


- فإن هذا الأمر هو السبب الرئيسي للخروج من جميع الفساد الذي فيه الإنسان, ولهذا في الحديث النبوي يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «أن رجلا أذنب ذنبا»ً) أي يبتعد عن ربه بارتكاب ما يخالف أمر ربه« فيقول أي رب أذنبت ذنباً فاغفر لي» يعني بعد بُعْدٍ عن المولى بتسلّط الشهوة والهوى والشيطان على الإنسان, لكن إذا عاد الرجل إلى رشده فافتقر إلى ربه- هو في حالة بُعْد- إلا ويجد أبواب الخير مفتّحة, فيقول المولى: «علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت له» أي يرده إليه رداً جميلاً, فعلى المسلم أن يداوم باب الدعاء والذل والافتقار إلى الله , وأن يعلم أن جميع أسباب الهداية والتوفيق هي بيده, فإذا داوم على هذا وافتقر نجا بإذن الله .


ولابد أن يعلم أن جميع أسباب الخذلان والبعد عن الله والظلم والشرور هي من نفسه فلا يطيعها فيما يأمر به وفيما تنهى عنه لأنها ما وصلت الى درجة النفس المطمئنة وإنما لا تزال ضعيفة ولا تأمر إلا بشر. وأسأل الله أن يوفقني وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه.


وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
درع الأمان في صد الأسباب الدافعة لضعف الإيمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المجالس العلمية للدعوة السلفية :: المنتدى العــــام ::   :: قسم المواضيع العامة-
انتقل الى: